تنظيم يوم دراسي حول "تسبيب الأحكام القضائية"

التاريخ:

  نظم مركز البحوث القانونية والقضائية يوما دراسيا حول موضوع "تسبيـــــب الأحكـــام القضائيـــة"،  يـــــــوم الخميـــــــس 23ديسمبر 2021، بمقر المدرسة العليا للقضاء (القليعة).

   استهل السيد المدير العام لمركز البحوث القانونية والقضائية هذا اليوم الدراسي بكلمة ترحيبية رحبّ فيها بالسيد الرئيس الأول للمحكمة العليا والسيدة رئيسة مجلس الدولة وبالحضور الكرام من قضاة المحكمة العليا ومجلس الدولة والمجالس القضائية، ومختلف إطارات وزارة العدل وأعوان ومساعدي العدالة، وضباط الشرطة القضائية بالإضافة إلى أساتذة جامعيين وباحثين.

   بعد الكلمة الترحيبية، تفضل السيد الرئيس الأول للمحكمة العليا بإلقاء كلمة افتتاحية أوضح من خلالها أن التسبيب هو جوهر عمل القاضي كما أنه أساس الحكم، مؤكد على أن التسبيب هو واجب على القاضي وحق للمتقاضي.

   ومن هذا المنطلق، افتتحت فعاليات اليوم الدراسي الذي تضمن برنامجه ست (06) مداخلات مقسمة على ثلاثة (03) محاور، وزعت على ثلاث جلسات.

   عنونت الجلسة الأولى بـ "تسبيب الحكم القضائي: أسس ومبادئ عامة"، ترأسها السيد جمال بوزرتيني المدير العام الأسبق لمركز البحوث القانونية والقضائية، والتي ضمت مداخلتين، الأولى بعنوان "القواعد العامة لتسبيب الحكم القضائي في القانون الجزائري"، فيما تناولت المداخلة الثانية موضوع "تسبيب الحكم القضائي، جوهر المحاكمة العادلة: واجب على القاضي وحق للمتقاضي".

المداخلة الأولى: القواعد العامة لتسبيب الحكم القضائي في القانون الجزائري، من تقديم السيد نجيمي جمال (مفتش بوزارة العدل ومستشار سابق بالمحكمة العليا).

   تطرق المحاضر من خلال مداخلته إلى بيان المقصود من تسبيب الأحكام والقرارات القضائية مستندا في ذلك على أحكام الدستور وقانوني الإجراءات الجزائية والإجراءات المدنية والإدارية من جهة، وعلى الاجتهاد القضائي الجزائري والمقارن من جهة ثانية، مبرزا أهمية ودور التسبيب في العمل القضائي.

   كما بيّن الهدف من التسبيب والذي أساسه وجود الأسباب وكفايتها والذي يقابله ما يعرف بانعدام الأسباب أو قصورها، وكذا سلامة الاستدلال وضوابطه.


المداخلة الثانية: تسبيب الحكم القضائي، جوهر المحاكمة العادلة: واجب على القاضي وحق للمتقاضي، من تقديم السيد أمقران عبد العزيز (مستشار بالمحكمة العليا متقاعد)

   تعلقت هذه المداخلة أساسا بتحليل كون التسبيب واجب على القاضي وحق للمتقاضي ضمن مبادئ المحاكمة العادلة، مع تبيان الحكم الدستوري الموجب للتسبيب وكذا المواثيق الدولية المتعلقة بهذا الشأن.

   كما استعرض المتدخل مبادئ المحاكمة العادلة ومظاهرها في القانون المقارن وفي المواثيق الدولية، مبرزا في كل مرة تجارب بعض الدول وعلى وجه الخصوص فرنسا، خاصة فيما يتعلق بهيكلة تسبيب الحكم القضائي وتبسيطها لاسيما بمحكمة النقض الفرنسية التي اعتمدت مقاربة جديدة في بناء الحكم والتسبيب على وجه الخصوص.

   كما طرح المحاضر أفكارا تتعلق بمدى الرقابة على تسبيب الأحكام على مستوى مختلف درجات التقاضي مقترحا توسيع التفكير ضمن هذا الإطار ليشمل أيضا رقابة المحكمة الدستورية على تسبيب جهات القضاء العليا.

   جاءت بعدها الجلسة الثانية تحت عنوان "تسبيب الحكم القضائي ودوره في إنشاء القاعدة القانونية المعيارية"، ترأسها السيد ديب عبد السلام، رئيس غرفة بالمحكمة العليا متقاعد، ورئيس المجلس العلمي لمركز البحوث القانونية والقضائية (سابقا).
ضمت هذه الجلسة كسابقتها مداخلتين،الأولى بعنوان "La motivation des jugements outil de création de la norme juridique"، والثانية حول "تسبيب الأحكام القضائية في المادة الإجتماعية -في ظل الفراغ التشريعي-".

 

المداخلة الثالثة: La motivation des jugements outil de création de la norme juridique، من تقديم الدكتور عثماني بلال (أســتـــاذ مــــحـــاضــر قــســم أ، كــــلــيــة الـــحـــقـــوق والــعــــلـــوم الـســيــاســيــة)، -جــامــعــة عــبــد الــرحـمــن مــيـرة بــجـــايــة

  أشار المتدخل إلى أن تسبيب الحكم القضائي يمكن أن يكون منشأ لقاعدة معيارية قانونية في حالة إبهام النص أو سكوته، مقدماً كمثال قرار المحكمة العليا المتعلق بعدم جواز استئناف الأحكام الغيابية بالإدانة إلا بعد تبليغها مستنتجا من خلال تحليل القرار إمكانية إنشاء قاعدة معيارية قانونية إجرائية لم ينص عليها القانون صراحة بشرط أن تكون عامة ومجردة.  

 

المداخلة الرابعة: تسبيب الأحكام القضائية في المادة الاجتماعية في ظل الفراغ التشريعي، من تقديم الدكتورة أمال بن رجدال (أستاذة محاضرة أ بكلية الحقوق، جامعة الجزائر01 بن يوسف بن خدة).

 

   طرحت المتدخلة إشكالية تسبيب القاضي للأحكام القضائية في المسائل الإجتماعية في ظل غياب نص تشريعي أو غموضه، مشيرة إلى مدى إلتزام القاضي بمبدأ الحياد الذي يفرضه القانون، بالموازاة مع الدور الإيجابي الذي يلعبه أثناء مناقشته للخطأ المنسوب للعامل والتحقق من وجوده ماديا بصفته الحامي الأول للحقوق والحريات، مؤكدة أن تسبيب الأحكام القضائية في المادة الإجتماعية له طابع خاص، إذا لا يخضع لتشريعات العمل فقط، بل لبعض الضوابط التي يفرضها الطابع التقاعدي لعلاقة العمل ويتجلى ذلك من خلال الأحكام الفاصلة في المسائل الاجتماعية.

   كما ذكرت المحاضرة بعض الحالات التي كان للقضاء دور في سد الفراغ التشريعي في المادة الاجتماعية وأين كان له أيضا دور في تفسير النصوص القانونية المبهمة ومن بينها دعوى تكييف عقد العمل المحدد المدة، وكذا تسبيب الأحكام الخاصة بالتسريح التعسفي.

   وبخصوص الجلسة الثالثة والأخيرة المعنونة بـ "تسبيب الحكم القضائي في الإجتهاد القضائي للمحكمة العليا و مجلس الدولة"، والتي ترأسها الدكتور أحمد الشافعي المدير العام الأسبق لمركز البحوث القانونية والقضائية، فقد ضمت هي الأخرى مداخلتين، الأولى حول موضوع "قضاء المحكمة العليا بخصوص التسبيب في المادة الجزائية"، والثانية حول "تسبيب الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية".

 

المداخلة الخامسة: قضاء المحكمة العليا بخصوص التسبيب في المادة الجزائية، من تقديم الدكتور أحسن بوسقيعة (مستشار سابق بالمحكمة العليا، أستاذ بالمدرسة العليا للقضاء)

   تطرق المحاضر إلى عدة نقاط أهمها ما تعلق بوجه النقض المتعلق بتسبيب الأحكام عندما يكون التسبيب منعدما أو قاصرا، مستعرضا أهم الحالات الواردة بهذا الخصوص في اجتهادات المحكمة العليا.
كما أشار إلى أن الأحكام القضائية صارت نقلا حرفيا للوقائع سواء على مستوى الضبطية القضائية أو التحقيق القضائي دون تلخيصها، مما جعل دور التسبيب يقتصر على دور ثانوي في هيكلة الحكم القضائي.
وفي ذات السياق أكد أنه يتعين نشر الاجتهاد القضائي حتى يتسنى للدارسين والقضاة الوقوف عليه خصوصا المستقر عليه منه في قضاء المحكمة العليا.

 

المداخلة السادسة: تسبيب الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية، من تقديم الدكتور عبد العزيز نويري (رئيس غرفة بمجلس الدولة).

   أكد المحاضر من خلال مداخلته أن المنازعة الإدارية لها خصوصياتها المستقلة، ولهذا فمن الأجدر أن يعطى لها عناية أكبر خاصة من جانب تسبيب الحكم القضائي.
موضحا أن تسبيب القاضي الإداري لحكمه هو فرصة للقاضي نفسه كي يمارس رقابة ذاتية على عمله، لاسيما عندما يراجع بنفسه صرامة تبريراته وبالتالي يتفادى الأخطاء المادية والقانونية التي يمكن أن يقع فيها، وهو ما من شأنه أن يسمح أيضا لأطراف المنازعة الإدارية سيما الطرف الخاسر للدعوى تقدير مدى ملائمة نتيجة الحل الوارد في الحكم.

   يضيف المتدخل أن التسبيب الصارم للحكم الإداري قد يساهم في شرح قواعد القانون الإداري السارية، بل أن التسبيب الجدي والصارم يمكنه أحيانا أن ينشأ قواعد قانونية جديدة غير منصوص عليها سابقا لافي التشريع ولا في التنظيم.

   يجدر بالذكر أن هذه المداخلات تخللتها عدة مناقشات والتي أعطي لها حيز كبير من الوقت بغية إعطاء فسحة أكبر لتقديم الآراء والملاحظات والاستفسارات والتي جاءت في مجملها إثراءً للموضوع وتدعيما له، وفي هذا الصدد تمخضت هذه المناقشات على مجموعة من النتائج ألا وهي:  

 

 

1- مراجعة الأحكام القانونية المتعلقة بورقة التسبيب في الأحكام الجنائية الابتدائية والاستئنافية على نحو يزيل التعارض بينها وبين الأحكام المتعلقة بالاقتناع الشخصي للمحكمة الجنائية ومبدأ أن القانون لا يطلب من قضاة محكمة الجنايات بيان كيفية التوصل إلى القناعة بكفاية دليل ما.

2- الحاجة إلى إدراج قواعد التحكم في تقنيات تلخيص الوقائع وهيكلة تسبيب الحكم في جوانبه المتعلقة بالأسباب الواقعية والقانونية والرد على الطلبات والدفوع متى قدمت، على أن يكون هذا الإدراج في التكوين القاعدي والمستمر.

3- ضرورة التزام الجهات القضائية بالمستقر عليه من اجتهاد المحكمة العليا والذي يتعين نشره وتشجيع الدراسات الفقهية بخصوصه لاسيما بواسطة تقنية التعليق على القرارات.
 

 

 

برنامج اليوم الدراسي

إشكالية اليوم الدراسي

  • يوم دراسي حول "تسبيب الأحكام القضائية"
  • يوم دراسي حول "تسبيب الأحكام القضائية"
  • يوم دراسي حول "تسبيب الأحكام القضائية"